الضغط النفسي والأداء

 وهنا يطرح السؤال التالي نفسه: كيف يمكننا وصف عملية التعلم وتحليلها تحليلا نفسيا؟ وإذا تسا علفا في البداية عن ماهية التعلم بصورة عامة، | نجد أنه - ودون الدخول في تفاصيل نظرية التعلم ) - عملية تغير في سلوك كائن ما بناء على خبرة اكتسبها. ومن هذا المنطلق يمكننا أن ننظر إلى الحياة على أنها سلسلة من عمليات التعلم، وحتى إننا نستطيع أن نقول بأن "الحياة" | تساوي "التعلم" مساواة تامة، بغض النظر عما إذا كنا نتعلم عن قصد وعن وعي، أم كنا نتعلم في اللاوعي ودون قصد.

  إننا نصحح على سبيل المثال وباستمرار مواقفنا وتصرفاتنا ونوجهها بصورة عامة وفق ما نكتسبه من خبرات. فالطفل الذي يمد يده لعوبة إلى شعلة الشمعة من شدة إعجابه | بتراقصها وتوهجها، لا يكتفي بسحبها مسرعا في هذه المرة من شدة ألمه، بل إنه سيتعلم ألا يمد يده إلى الشعلة مرة ثانية في المستقبل وأن يكتفي بالنظر إليها والتمتع بها من على مسافة أمنة. وقد يطبق الطفل خبرته هذه في تعامله مع الأنواع الأخرى من الشعلة المفتوحة - كشعلة مدفأة الحطب على سبيل المثال - ويحاول تجنب أي تماس مباشر مع النار.

   ومع أننا لا نستطيع الادعاء أن الطفل أراد أن يتعلم تفادي التماس المباشر مع النار" عن سابق قصد وتصميم، فمن المؤكد أن هذا السلوك المكتب الجديد مبني على أساس خبرة الطفل السابقة مع شعلة الشمعة. إذ إن ما حدث هو تغير حقيقي السلوك الطفل مبني على أساس خبرة سابقة. ومن ناحية أخرى فإن الطالب عندما يتعلم، بتوجيه مقصود ومدروس من مدرسة، أن حاصل ضرب العدد ۲ بنفسه هو 4 ويحظى بالثناء على ذلك، فإن سلوكه يتغير نتيجة لذلك لأنه من الآن فصاعدا سوف يجد الإجابة الصحيحة على هذا السؤال وغيره من الأسئلة المشابهة. 

  ولكن الفرق واضح بين المثالين السابقين: الطالب الذي يتعلم حاصل ضرب العدد ۲ بنفسه، و الطفل الذي يتعلم تفادي التماس المباشر مع النار. فالفرق يتجلى مثلا في مدى مشاركة الذكاء في تغير السلوك، وذلك على مستويين مختلفين - مرة على مستوى تحريكي ومرة على مستوى لفظي معرفي.