إن من أهم المنطلقات الأساسية في علم النفس التربوي هو المبدأ التالي: صحيح أن ليس كل شيء ممكنا في مجال السلوك الإنساني، ولكن ما هو ممكن لا يتحقق من تلقاء نفه، بل لا بد من أحد ما يحقه أو يقوم به. وما بيدو تلقائيا من الأحداث التي تعترض الإنسان هو في حقيقة الأمر محثوث من قبل حاث أو منبه ما – سواء أكان ذلك مقصودا أم بغير قصد. وهذا يعني بدوره أن لا شيء مما يحدث في الواقع يبقى دون نتائج أو آثار على ما يليه من الأحداث الأخرى، كما أن نتيجة أي سلوك ما هي بدورها حاث السلوك أخر.
ومن المنطلقات الأساسية أيضا أن ننظر إلى كل إنسان على أنه شخص فريد يتمتع بمقدرات فريدة لا بد لمخاطبتها من أسلوب خاص ومتميز قدر الإمكان بما يتفق مع شخصيته والخصوصية التي يتمتع بها. ولما كان الناس مختلفين من وجهة النظر السيكولوجية (النفية)، فإن معاملتهم بالعدل والمساواة" تقتضي أن نتعامل مع كل منهم بالأسلوب الذي يوافقه كفرد مختلف عن غيره من الأفراد، لا أن نتعامل مع الجميع بطريقة موحدة، أي بإهمال اختلاف وخصوصية كل فرد. إذا "التمييز في التعامل هو الذي يضمن المساواة وتكافؤ الفرص؟ وعندما نركز على انعدام تلقائية الأشياء، نعني على وجه الخصوص أن تلقي المعرفة واستيعابها لا يحصل من تلقاء نفسه، مع أن هذا الاعتقاد كان سائدا فيما مضى، ولا نستطيع لسوء الحظ أن تنطلق من أن تعلم باقة من المضامين التعليمية يؤدي تلقائيا - وفي الوقت ذاته - إلى تعلم مضامین أخرى، بل إن الإنسان يتعلم فقط ما يجتهد في تعلمه، ولا يحصل على شيء مجانا". ولقد أصبحنا الأن ننظر إلى مسألة الانسحاب، أي الاستفادة مما تعلمناه في مجال ما وتطبيقه في مجالات أخرى، من منظار يعتبر أنه إن كان هناك انتقال، فهر محدود ومشروط في أحسن الأحوال، أي إن المتعلم يعي في أحسن الأحوال أن هناك تشابهة في البنية بين الوضعية التي تعلم فيها | والوضعية الجديدة التي يريد تطبيق ما يعرفه عليها. كما إننا ننظر إلى مسألة | الذكاء من المنظار نفسه، حيث نعتبر أن الذكاء لا يتفتح من تلقاء ذاته وأن هناك حدودا لتفتحه تفرضها مورثات كل فرد. و علاوة على ذلك نعتقد أن الثقة بالنفس لا تتطور وتتوطد من تلقاء ذاتها، بل يجب في هذا المجال أيضا اتخاذ إجراءات موجهة وخاصة تناسب كل فرد وتأخذ خصوصياته بالاعتبار.


تعليقات
إرسال تعليق