القائمة الرئيسية

الصفحات

الطبيب المثالي - تصورات وأفكار



   يجد الطبيب الحديث في ممارسة مهنته نفسه في وضع صعب جدا، إذا ما أراد أن يعرف الناس بنفسه وبخدماته. فكل أنواع الدعاية التي يلجأ إليها أصحاب المهن الأخرى في جميع الوسائل الإعلامية والإعلانية محظورة على الطبيب! وجل ما بوسعه الإعلان عنه هو أنه قد افتتح عيادته أو أنه قد انتقل إلى مكان آخر أو أنه قد عاد من عطلته، بينما يحظر عليه اللجوء إلى أي شكل من أشكال الحملات الدعائية السيكولوجية الفعالة التي تهدف إلى الترويج وجذب الانتباه. فكيف له أن يروج لعيادته إذا؟
إن الإجراء الوحيد الذي يستطيع القيام به فعلا إنما هو التأثير السيكولوجي الإيجابي المدروس بحرص شديد على مرضاه حتى يقوم هؤلاء ومن تلقاء أنفسهم بنشر رضاهم وانطباعاتهم الإيجابية بين معارفهم وأقاربهم. 
  وهكذا يكون قد فعل الدعاية الشفوية غير المباشرة. وهنا يتفوق الطبيب الذي يتقن استخدام الصورة الأبوية الإيجابية (أي الطبيب الذي يدخل إلى غرفة المعاينة وهو يشع ثقة وهدوءا مطلقين وتمكنا معرفيا واختصاصيا ممزوجا باللطف والتفهم...) على الطبيب المرتبك والمتوتر والمتسرع و المتناقض في آرائه وأحكامه!
   فكما ذكرنا سابقا للطبيب عموما مكانة الأب لدى المرضى النساء، وعليه فضلا عن ذلك أن يترك الانطباع أمام المرضى الرجال بأنه رزین و متمكن وهادئ وصارم مع الابتعاد كل البعد عن التكبر وعن محاولة التقليل من شأن ومن علم المريض! وفي هذا السياق علينا أن نذكر حقيقة ملفتة فعلا وهي أن الذين يعملون في مجال الاقتصاد في يومنا هذا يتقبلون ويفضلون أن يكون رؤساؤهم وقياديو هم من الشباب بينما نجدهم لا يقبلون أن يكون أطباؤهم أقل منهم بلوغا".
فمن المؤكد أن الناس يعتقدون أن الطبيب المتقدم في السن لا بد أن يكون أكثر خبرة ونضجا من الطبيب الشاب وهو في المقام الأول يصلح للعب دور الأب في لاوعي المريض. ولذا يجب على الطبيب الشاب أن يحاول تجسيد الصفات والسمات الشخصية التي يتوقعها المريض من "الشخصية الأبوية" - وهذا التجسيد يجب أن يراعي الصورة الظاهرية أيضا: فلا يفترض في الشخصية الأبوية أن ترتدي أخر صرعات الأزياء على سبيل المثال، بل عليها أن تميل قليلا إلى التحفظ!

وهكذا ينصح طالب الطب أكثر من غيره بين طلاب الاختصاصات الأخرى أن يتابع أثناء دراسته الاختصاصية بعض محاضرات علم النفس و أن يشارك في ورشات العمل التي تعمق بعض الجوانب التطبيقية منه والتي تناسب عمله المستقبلي. فربما يتوقف نجاحه المهني في المستقبل على مدى إلمامه بعلم النفس أكثر من توقفه على قدراته الاختصاصية!

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع
    Back to top